اليوم ذكرى استشهاد اقمار فلسطين الشيخين المجاهدين القائدين جمال منصور " ابو بكر " وجمال سليم " ابو مجاهد " وثلة من من شباب فلسطين الميامين ..
31/7/2001 - 31/7/2012
سيرة الشهداء ذكريات الوعي والتحدي ..
أيها الشهداء أترانا نحسن أن نخاطبكم ؟
آه لتفاهة الكلمات أمام الدماء ..
آه لهزالة الساقية في مواجهة البحر ..
آه لميوعة المداد على سطح النجيع ..
أين نحن منكم ؟ أين الثرى من الثريا ؟
أيها القادمون الى قلوبنا بلا استئذان .. أيها الطارقون فجرا بصلاة وأذان.. أيها الصادحون فينا : قد آن الأوان .. الحديث عنكم لا ينتهي .. لا تمله الآذان .. فكيف ينتهي الحديث عن المجد والعز ونصرة الانسان ؟ عن صناع الفجر بعد ما نهشته عتمة الليل ووحشية الظلام .
أيها الشهداء .. من نور عيونكم نستعيد قناديلنا ، ونرد البسمة للخيام ..
للقرى .. للمدن .. لحرم ليافا وحيفا .. للكروم والبيارات وأحراش يعبد .. لأزقة الشابورة وجباليا والشاطىء والشجاعية .. لأحياء خان يونس وبلاطة والشيخ رضوان .. لمرابض البطولة ومرابط الجهاد في نابلس والبريج وتل السلطان ..
أيها الشهداء .. من ذكريات رجولتكم تدب فينا الحياة فنعشق الحور العين ، ونطلب بوابات الآخرة وعتبات الاستشهاد . آه ما أثقل الأيام غابت عنها سبحات خلودكم ووهج عطائكم ..
سلام عليكم وفد بلغتم الشهادة ليس قبل الأوان ولكن قبل فوات الأوان
استشهدتم حين عزت الشهادة وندر الرجال .. هكذا كنتم زهورا وغيثا في ربوع ديارنا .. طابت معكم أحلام الغلبة والتمكين فتطاولت الأعناق واشرأبت وفاحت الأجواء بالأريج والشذى .
أيها الراحلون الى معالي الشمس ودوح الجنان .. اذكرونا ونحن نلتمس الطريق اليكم .. لعل خطانا تغذوها بعض سيرتكم .. فأنتم وجدان هذه الأمة , وتاريخ الحياة فيها . تالله لقد حققت دماؤكم ما عجزت عنه أعمار من الكلمات والمؤتمرات .
انتصر الدم على السيف , وبحرت العين في المخرز وهاوشته .. فكان النصر والحضور والشهادة ...
فأنتم صفحات مضيئة في ظلمة غيابنا .. وأنتم وشوشات الفجر لصحوة جيلنا , وعودة خيولنا .. وأنتم رايات لهداية ركبنا .. أيها الشهداء .. أنتم علمتمونا بأن الأرض لا تحفظ الا بالجهاد , وأن الكرامة لا تصان الا بالشهادة ...
فعلى هدي خطاكم نغذ المسير ، ونستحث الخطى ، ونصعد المعالي .. ماذا نكتب عنكم ، وأنتم كنتم في أرض الرباط ترسمون الصورة وتصنعون الاسطورة .. ماذا نكتب .. فأقلامنا خجلى ، غمدنا صدأ سيفه وتآكلت شفراته .. ماذا نكتب ، وأنتم كنتم في غزة والقدس ونابلس ورام الله وجنين تعيدون للصراع وجهته الحقيقية .
ماذا نكتب يا أبا بكر, وماذا نكتب يا أبا مجاهد
فأنتم نور يضيئ لنا الطريق .. سنظل نذكركم لأنكم زرعتم فينا البقاء ..
فليغادر قلمي رحابكم فهو عن وطنكم بعيد ... ولتتفضل كلمات الشهيد الحي سيد قطب لتعالج من خلال ظلالها عميق معاني الشهادة وتزكيات الدماء ..
" ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون "
ان هناك قتلى سيخرون شهداء في معركة الحق شهداء في سبيل الله قتلى أعزاء أحباء . قتلى كراما أزكياء ـ فالذين يخرجون في سبيل الله ، والذين يضحون بأرواحهم في معركة الحق , هم عادة أكرم القلوب وأزكى الأرواح وأطهر النفوس ـ هؤلاء يقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتا . انهم أحياء فلا يجوز أن يقال عنهم أموات لايجوز أن يعتبروا أمواتا بالحس والشعور , ولا أن يقال عنهم أموات بالشفاه واللسان .
انهم أحياء بشهادة الله سبحانه . فلا بد أحياء انهم قتلوا في ظاهر الأمر ، وحسبما ترى العين .ولكن حقيقة الموت وحقية الحياة لا تقررهما هذه النظرة السطحية الظاهرة . ان سمة الحياة الأولى هي الفاعلية والنمو والامتداد . وسمة الموت الأولى هي السلبية والخمود والانقطاع .. وهؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله فاعليتهم في نصرة الحق الذي قتلوا من أجله فاعلية مؤثرة ,والفكرة التي من أجلها قتلوا ترتوي بدمائهم وتمتد , وتأثر الباقين ورائهم باستشهادهم يقوى ويمتد . فهم ما يزالون عنصرا فعالا دافعا مؤثرا في تكييف الحياة وتوجيهها ، وهذه هي صفة الحياة الأولى فهم أحياء أولا بهذا الاعتبار الواقعي في دنيا الناس . ثم هم أحياء عند ربهم ـ اما بهذا الاعتبار ، واما باعتبار آخر لا ندري نحن كنهه وحسبنا اخبار الله تعالى به " أحياء ولكن لا تشعرون " .. لأن كنه هذه الحياة فوق ادراكنا البشري القاصر المحدود . ولكنهم أحياء . أحياء . ومن ثم لا يغسلون كما يغسل الموتى . ويكفننون بثيابهم التي استشهدوا فيها . فالغسل تطهير للجسد الميت وهم أطهار بما فيهم من حياة . وثيابهم في الأرض ثيابهم في القبر لأنهم بعد أحياء يشاركون في حياة الأهل ولأحباء ولأصدقاء . أحياء فلا يصعب فراقهم على القلوب الباقية خلفهم ولا يتعاظمها الأمر , ولا يهولنها عظم الفداء ... ثم هم بعد كونهم أحياء مكرمون عند الله , مأجورون أكرم الأجر وأوفاه : في صحيح مسلم : " ان أرواح الشهداء في حواصيل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي الى قناديل معلقة تحت العرش , فاطلع عليهم ربك اطلاعة ، فقال : ماذا تبغون ؟ فقالوا : يا ربنا وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا قالوا : نريد أن تردنا الى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أخرى ـ لما يرون من ثواب الشهادة ـ قيقول الرب جل جلاله : اني كتبت أنهم اليها لا يرجعون " .. وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع الى الدنيا ، وله ما على الأرض من شيء الا الشهيد , ويتمنى أن يرجع الى الدنيا فيقتل عشر مرات , لما يرى من الكرامة . أيها الشهداء .. لا نقول وداعا .. ولكن , الى لقاء ...